هندسة النور: كيف يعمل الصدق كقوة روحية
الثمن الذي يدفعه الصادق… قبل أن يُفتح له باب الحكمة
أنت صادق.
تقول الحقيقة حتى لو كلفك الأمر خسارة فرصة، أو فقدان شخص، أو دفع ثمن قاسٍ، ومع ذلك، تجد نفسك محاطًا بالشك. الناس لا يصدقونك بسهولة، بينما يصدّقون المتلاعبين الذين يجيدون فن الأقنعة. تراهم يكسبون المال، النفوذ، الثقة… وأنت تخسر.
المفترض أن يكون الصدق منجاة كما علمونا، فلماذا يبدو كأنه طريق الخسارة؟
الواقع أنك حين تختار أن تكون صادقا، ستدخل تلقائيا في اختبار غير معلن، لن يتم اعتمادك كشخص صادق بمجرد إعلانك أنك صادق، ستواجه اختبارات متكررة وستدفع أثمانًا تجعلك تظن بالله الظنونا.
إذا نجحت، وتم (اعتمادك) كصادق، فإن حياتك بعد الاعتماد لن تكون كما قبله، وما يَزالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ ويَتَحَرَّى الصِّدْقَ حتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ صِدِّيقًا.
فاصل: يوم الاثنين ينتهي عرض الشراء المسبق لدورة :
السر الذي لا تراه في نجاح المخادعين
بعض الناس يرون المخادع وهو يقطف الثمار السريعة، يحقق نتائج أفضل منهم، فيظنون أن اللعبة محسومة لصالحه، لكن هذه صورة سطحية، هو مثل شخص يقترض مالًا ليبدو غنيًا اليوم، بينما تتراكم عليه الديون المطلوب سدادها، ويسددهها أضعافا مضاعفة.
في الحقيقة هم يخسرون على مستوى أعمق، والقوانين الكونية تعيد التوازن دائمًا، (وإيَّاكُمْ والْكَذِبَ، فإنَّ الكَذِبَ يَهْدِي إلى الفُجُورِ، وإنَّ الفُجُورَ يَهْدِي إلى النَّارِ)
العملة التي لا تفقد قيمتها
الحقيقة أن الصدق ليس عبئًا، بل أعظم استثمار يمكن أن تضعه فيه حياتك، لكنه استثمار يحتاج صبر الفلاح: تغرس، تسقي، تتعب، وقد لا ترى شيئا، إلى أن تثبت الجذور، وتُثمر الشجرة ظلًا وثمارًا لسنوات.
كل تحدٍ تواجهه بسبب صدقك هو تدريب رباني، تنتقل من أن تكون صادقًا خامًا ساذجًا، يقول كل شيء لكل أحد، إلى أن تصبح صادقًا حكيمًا: تعرف متى تقول الحقيقة، وكيف تقولها، وأين تضع حدودك حتى لا يستغلك أحد.
الأشخاص الذين تخسرهم في الطريق ليسوا خسارة حقيقية، بل إعادة تشكيل لبيئتك، الصدق مثل مغناطيس، يُبعد عنك من لا يحتملونه، ويجذب إليك من يقدّرونه. وهؤلاء هم من يمنحونك الثقة العميقة التي تُبنى عليها الأعمال والعلاقات الراسخة.
الصدق ليس ضعفًا ولا ثغرة قابلة للاختراق. الصدق قوة روحية، وانسجام مع القوانين الكونية، ومرحلة التدريب هي تجربة وجدانية وروحية عميقة.
الصدق الداخلي
الصدق يبدأ من داخلك. كثيرون يتواجدون في أماكن لا تناسبهم، يتشبثون بقرارات خاطئة، ويقنعون أنفسهم أنها صحيحة. هذا خداع للذات، وهو أخطر من خداع الآخرين. كيف تنتظر أن تصدّقك الحياة إذا كنت تكذب على نفسك؟
الصدق مع الذات يعني أن تعترف بضعفك حين تكون ضعيفًا، أن تواجه خطأك بدل أن تبرره، أن تغيّر اتجاهك حين يتضح أن الطريق الذي اخترته ليس لك.
ومن هنا يبدأ التحول: ما دمت صادقًا مع نفسك، ستجذب حقائق صافية من حولك.
الحياة مرآة، فإذا واجهتها بصدق، ستعكس لك الحقائق، الأشخاص الصادقين، والمعلومات الحقيقية التي تقودك إلى الحكمة.
الحقيقة لا تهاجم… بل تنير
الصدق ليس سيفًا تشهره في وجوه الناس لتجرحهم تحت شعار "أنا أقول الحقيقة واللي في قلبي على لساني". الصدق نور. والنور لا يهاجم، بل يضيء بلطف، فيجعل كل شيء أوضح.
عندما تستمر في الصدق ، وتطور مهارة الصدق بناء على التحديات التي تأتيك، (يصدق ويتحرى الصدق)، إلى أن يتم اعتمادك كصادق( حتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ صِدِّيقا)، عندها تستجيب لك الحياة، وتصبح صادقة معك، تمنحك الحقائق والأسرار، وتفتح لك أبوبا جنة الدنيا (يَهْدِي إلى الجَنَّةِ)